بقلم – محمد سالم
على امتداد ذاكرة الايام المسرودة على دفتر الحي الشعبي
ستجد جميع أهل الحي يتأوهون ويضحكون
يسكبون كل دمعة سخينة على أيامهم التي كانت تغني كحمامه أنقص ريشها
فالفرحة عندهم دائما ما لا تكتمل ولكنها تكمل بأحاديثهم وشكوى همومهم ومشاركتها مع بعضهم البعض
هذا هو السائد في الحي الذي عاش عهد بنيان الطين المرصوص “الجالوص”
وعاش عهد التطاول في البنيان بكل ما فيه
ولا تزال أحد البيوت الطينية المتأكلة جراء فعل الخريف الذي لا يرحم
فأنت تنظر أليها من أعلى منزل متطاول في بنيانه
فترى تفاصيل طفولتك بكل ما فيها
شجرة اللالوب ترى لك وكأنها الثمار من شدة ما علوت من البنيان
تبتدئ لك الاشياء كما هي ولكن بصوره مصغرة
نفس السرر المرصوصة
ونفس الاسقف الحديدية التي لا تر
ونفس الاسقف الحديدية التي لا ترحم صيفا وخريفا وشتاء
تتمنى حين برهه معاودة تفاصيل الصبا المقتول على باب “العريشة” أو الخيمة المشدودة
تتمنى أن يجاور منزلك منزل “ميري” بائعة الخمور البلدية التي لا تكترث لكل تفاصيل الحياة
فتعيش يومها وكأن الحياة قد وصلت مبلغ السعادة عندها
فأنت تغفل مع ذاكرة الأيام وتذكر كم هدم ذاك الكوخ المملوك لميري بيد السلطات
تغفل مع هذه اللحظة من الذاكرة
فتنظر لمنزل بسيط الملامح مشقوق الحيطان مملوك لحليمه التي كانت من أهل الفقر المدقع
ولكن العفة والعفاف كانت أكبر عندها فظلت تعمل في تمشيط شعور النساء
حتى كبر أبنها “عمران” وألتحق بجامعة الخرطوم-كلية الآداب
فعمران هذا بدخوله كلية مثل هذه يكون قد كونت في ذاكرته من الاحداث المتقاطعة ما تجعل منه كاتب و روائي يضاهي “وليم شكسبير”
مع ذكر سيرة شكسبير تكون قد انتقلت
لدقائق الخرافات والحكاوي في الحي الشعبي
حيث يحكي الحاج “عبد الله” حين جلسة على شجرة النيم التي جادت بظلها لكل أهل الحي
حكى أن وليم شكسبير أصلها
وليم شيخ زبير
والأصل لجنسية المسرحي العالمي أنه من السودان
ومن حينا الشعبي تحديدا
وبعد فراغه من ذاك المحكي كان “عثمان” قد أفرغ ضحكا فهو يعلم جيدا ما في الحديث من الخرافة
فالأخير هذا أستاذ ومعلم في مدارس الحي
ولم يترك كتاب وألا قد أنجزه وفقه كل ما فيه
بعد مجادله الإثنين حول المسألة المعقود النقاش فيها
أسدل ستار الجلسة التي يؤمها الحاج عبد الله
بعد ميلان ضل الضحى المنتكي على حائط منزله
أنتهر الصبيان الذين كانوا يلعبون على ظلال النيمة الوريفة
وهم بطردهم كل إلى بيته
ولكن الصبيان عاندوه وتجادلو معه
وفي الأخير أنقضى الأمر بذهابهم كل إلى بيته
منهم حمل الجيب الأيسر والأيمن للبنطال “بالبلي”
ومنهم من رجع خاسرا فارغ اليدين فقد تم كسب كل ما معه من ذاك الصغير المكور المصنوع من الزجاج
بهذا انتهت تفاصيل النصف الأول من اليوم في الحي الشعبي
قام كل المصلون وصلو صلاة الظهر كان بعدها وقت الغيلولة والاستجمام مع النفس الأمارة بالسوء
ولكن لم يخلو الشارع الفراغي من كل تفاصيل الأرجل المتحركة بل كان بعض الممارسون لمهنة البناء
يشيدون منزل أحد المتطاولون في البنيان
بعدها أخذ النهار يخفي شعاعه الشمسي رويدا رويدا
ويختفي خلف خيوط الغيوم التي تبشر بجلسه عصريه سعيدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق