يخوض منتخب السعودية مباراة الأوروغواي اليوم ساعيا إلى التخلص من آثار صدمتين مبكرتين في مونديال روسيا 2018 لكرة القدم، الأولى خسارته أمام روسيا في الافتتاح بخماسية، والثانية اشتعال النيران في محرك الطائرة التي أقلته أول من أمس إلى روستوف حيث تقام المباراة.
وفي حين هبطت الطائرة بسلام وأفادت الشركة الناقلة بأن دخول طائر تسبب بعطل في أحد المحركات، لا تزال ترددات الصدمة الأولى تهز الشارع الكروي السعودي.
وبادر تركي آل الشيخ رأس رئيس الهيئة العامة للرياضة في السعودية والمستشار في الديوان الملكي إلى تحمل المسؤولية كاملة، لكنه وجه انتقادا لاذعا للاعبين قائلا: «سوّدوا وجهي، سددنا مستحقاتهم لثلاث سنوات، جلبنا أفضل طاقم تدريبي، للأسف لم يؤدوا ولا 5 في المائة من المطلوب منهم»!.
الهجمة على اللاعبين عبر عنها بوضوح رئيس الاتحاد عادل عزت الذي أكد في مداخلة تلفزيونية بعد المباراة أن الاتحاد يعتزم «محاسبة عدد من اللاعبين بعد الهزيمة الثقيلة» ذاكرا بالاسم حارس المرمى عبد الله المعيوف والمدافع عمر هوساوي والمهاجم محمد السهلاوي. لكن الاتحاد السعودي عاد وأصدر بيانا أشار فيه إلى أن تصريحات عزت التي أوردتها قناة تلفزيونية كانت مختصرة من معناها، حيث لم يستثن رئيس الاتحاد أيا من اللاعبين من المسؤولية، وأنه شخصيا من منطلق المسؤولية المباشرة التي يتشرف بها، لا يتردد في الاعتراف بالمسؤولية عن نتيجة المباراة.
لم يمر تصريح عزت مرور الكرام، فهاجم سعود آل سويلم رئيس نادي النصر رئيس الاتحاد مغردا: «عادل عزت، إذا كنت غير قادر على إدارة الاتحاد السعودي، وتحمل المسؤولية، فأنت تضر المنتخب والكرة السعودية ولا تفيده». مضيفا: «اتخاذك لقرارات عشوائية، واتهامك لعدد من اللاعبين دون غيرهم، يدل أنك فاشل إداريا، وعليك إصلاح ما أفسدته إدارتك، وتحمل المسؤولية دون تهرب».
أما فنيا، فقد تعرض المدرب الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي لحملات عنيفة من نقاد وخبراء كرة سعوديين، برغم الحماية التي تلقاها من آل الشيخ الذي علق قائلا: «لا أحد يقول لي أن بيتزي ليس مدربا معروفا أو لا قدرات لديه».
الخسارة أمام روسيا ذكرت بإقالة البرازيلي كارلوس ألبرتو باريرا في مونديال 1998، بعد خسارة ضد فرنسا المضيفة صفر - 4. وانتقد نجم المنتخب السابق فهد الهريفي طريقة لعب بيتزي وقال في تصريح تلفزيوني: «نتفق على أن الجيل الحالي هو أضعف جيل سعودي يشارك في كأس العالم، لا نملك صانع ألعاب أو مهاجما خطيرا، وفي ظل هذه الإمكانيات هل تتهور وتجعل الفريق لقمة سائغة لأي خصم حتى نظهر بهذا الشكل؟».
وتحدث صانع اللعب السابق عن أسلوب هجومي مبالغ فيه للاعبين لا يملكون انضباطا تكتيكيا وسمات دفاعية.
وكان بيتزي الذي قاد تشيلي إلى لقب كوبا أميركا 2016 ووصافة كأس القارات 2017 تولى مسؤوليته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدلا من مواطنه إدغاردو باوزا الذي أمضى شهرين فقط على رأس المنتخب.
بعد تصريح عزت وإدانته بعض اللاعبين، كثرت التوقعات حول الذين قد يدفع بهم بيتزي ضد الأوروغواي، على غرار المهاجم فهد المولد، والحارس محمد العويس وعبد الملك الخيبري، لتعويم سفينة المنتخب العائد للمونديال بعد 12 سنة من الغياب.
ويلعب تاريخ مواجهات الفريقين في صالح السعودية، حيث لم يسبق لأوروغواي بطلة العالم مرتين أن فازت على «الصقور الخضر» خلال المرتين الذين التقيا فيهما حيث فازت السعودية في مباراة ودية في 2002 وتعادلا في أخرى في 2014.
وربما يخفف من توتر السعوديين غياب فاعلية سواريز نجم برشلونة في اللقاء السابق حيث أهدر ثلاث فرص أمام مصر يوم الجمعة الماضي.
وقال لاعب وسط السعودية تيسير الجاسم: «لا شك أن الأوروغواي فريق صعب ومعروف بنجومه العالميين لكننا نريد تحسين صورتنا بعد المباراة السابقة وأن نسعد الجماهير السعودية».
وتأهلت السعودية إلى النهائيات للمرة الخامسة في تاريخها بعد 1994 عندما بلغت الدور الثاني، و1998 و2002 و2006 وفي 14 مباراة حتى الآن، فازت مرتين فقط وخسرت 10 مرات.
من جهة الأوروغواي، بطلة 1930 و1950 ينوي ثنائي هجوم الأوروغواي لويس سواريز (برشلونة الإسباني) وإدينسون كافاني (باريس سان جيرمان الفرنسي) تعويض ما فاتهما في مباراة مصر، عندما احتاج المنتخب إلى هدف متأخر من المدافع خوسيه خيمينيز لخطف نقاط الفوز.
سواريز الذي أنقذ كرة شهيرة بيده في مونديال 2010 ضد غانا وعض الإيطالي جورجيو كيلليني في مونديال 2014 في حادثة شهيرة أدت إلى إيقافه، سيخوض مباراته الدولية المائة ضد السعودية، أهدر ثلاث مرات أمام الحارس محمد الشناوي وبرر ذلك مدربه المخضرم «المايسترو» أوسكار تاباريز: «لماذا لم يلعب سواريز جيدا؟ لا أعلم. أمور مثل هذه حصلت مع الكبار مثل بيليه ومارادونا. ليست خطيئة».
وكان سواريز الذي يملك في رصيده 51 هدفا دوليا سجل 3 أهداف في مونديال 2010 وهدفين في البرازيل 2014.
بالنسبة للاعب تصدر عناوين الصحف في نهائيات كأس العالم لأسباب غالبا ما كانت غير مرتبطة بموهبته، من المناسب أن يخوض سواريز مباراته الدولية الرقم 100 من أجل إظهار قدراته على منح بلاده بطاقة التأهل إلى الدور ثمن النهائي.
يأمل المهاجم البالغ من العمر 31 عاما أن يكون هذا المونديال أفضل بالنسبة إليه على الصعيد الشخصي من النسختين الأخيرتين. في مونديال جنوب أفريقيا 2010، طرد بعدما «أدى» دور حارس المرمى في المباراة أمام غانا، وقطع بيده كرة متجهة إلى الشباك. تلقى بطاقة حمراء، إلا أنه - وبحرمانه غانا من هدف محقق - ساعد الأوروغواي على بلوغ الدور نصف النهائي (بركلات الترجيح 4 - 2 إثر التعادل 1 - 1).
اكتسبت هذه الحادثة شهرة جعلتها تحظى بصفحة خاصة لها على الموقع الإلكتروني للموسوعة الحرة «ويكيبيديا». سواريز نفسه وصف ما قام به بأنه «أفضل صدة في البطولة».
رغم ذلك، لا تقارن هذه الحادثة بما قام به المهاجم المشاغب في مونديال 2014 وأوقف عن ممارسة كرة القدم لمدة أربعة أشهر بعدما قام «بعض» المدافع الإيطالي جورجيو كيلليني خلال المباراة ضد إيطاليا (1 - صفر) في الجولة الأخيرة من المجموعة الرابعة. والمفارقة أن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها في مسيرته، بل الثالثة! واعترض لاعبو الأوروغواي على طريقة التعامل مع نجمهم من قبل السلطات الكروية، ولكن هذه الاعتراضات لم تنل تأييدا خارج بلاده.
يثير سواريز الإعجاب والانتقاد بشكل متساو تقريبا، إلا أن موهبته غير قابلة للتشكيك بها. وعلى رغم تناقضاته، نجح سواريز في أن يصبح أفضل هداف في تاريخ منتخب الأوروغواي برصيد 51 هدفا في 99 مباراة، منها خمسة أهداف سجلت في كأس العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق