01 أكتوبر 2016

حملة فرنسية لتحويل زيدان من "معبود" إلى "منبوذ" الجماهير


قادت قناة “فرانس 2” حملة شرسة على أيقونة الكرة الفرنسية والعالمية، زين الدين زيدان، وأطلت أول أمس، من خلال حصة “مبعوث خاص” بتحقيق أعد “على المقاس” لضرب صورة من “زلزل” كل فرنسا وجعلها ترفع رأسها بين الأمم وأهداها لقبا عالميا لم تكن تحلم به، لولا تلك “الرأسيات الذهبية” التي صارت، بعد نحو عشرين عاما، مصدر “حالة مرضية”.
معروف عن العمل الإعلامي بأن الغوص في تحقيقات صحفية معمقة تقتضيه الأخبار والأحداث المطروحة للنقاش والمثيرة للجدل، والبحث في ما وراء الخبر والتسابق المهني المشروع لكشف ما خفي من حقائق تخص النجوم والمشاهير، أو تلك القضايا التي تشغل الرأي العام يفرضه الحدث نفسه. ومن هنا يسقط أي تساؤل حول “الدافع” الذي أفضى إلى اختيار موضوع التحقيق، طالما أن الظرف يفرض ذلك إعلاميا، غير أن ما حدث مع “زيزو”، هذا الاسم الكبير، الذي جعلته “فرانس 2” مادة دسمة لتحويله من “معبود” إلى “منبوذ” الجماهير، لا يمكن تفسيره سوى بحملة فرنسية مدروسة تهدف إلى تلطيخ صورة العرب وتقديمهم للرأي العام، من خلال الاجتهاد بتحقيق “على المقاس” لكشف عيوب مزعومة، على أنهم في النهاية محتالون ومرضى ولا يمكن أن تجني فرنسا من ورائهم سوى العار.
زيدان “شيطان” وليس “ملاكا”
قناة “فرانس 2” استيقظت من سباتها العميق واعتقد مسؤولوها، بعدما توقف بهم الزمن على ما يبدو في بداية الألفية الجديدة، بأن زين الدين يزيد زيدان توقف لتوه عن ممارسة كرة القدم، وراحت خلال ساعة كاملة من الزمن تغوص بالمشاهدين في قضايا سقطت بالتقادم وفصلت فيها العدالة وألقت بها الجماهير الكروية في ذاكرة النسيان. وراحت “فرانس 2” تتحدث عن زيدان النجم بنظرة سوداء وكأنها (قناة فرانس 2) اكتشفت البارود، وتجعل من تحقيقها وكأنه “سبق صحفي”، حين حاولت جاهدة تقديم زيدان إعلاميا على أنه “شيطان” وليس “ملاكا”. التحقيق الخالي من أية موضوعية ولا احترافية، أعاد بالصوت والصورة قضية اتهام لاعبي جوفنتوس بتناول المنشطات، وحرصت قناة “فرانس 2” على تناول “الغش الكروي” للاعبي فريق “السيدة العجوز” سوى بصورة زيدان النجم دون إقحام صورة أي لاعب فرنسي آخر، حتى وإن كان سبعة فرنسيين من منتخب الأحلام لسنة 1998، طالتهم الاتهامات بتناول المنشطات وقتها، لتواجدهم في البطولة الإيطالية، لتستنجد “فرانس 2” باللاعب إيمانيوال بيتي للحديث عن زيزو. واختارت، على ما يبدو، بعناية “الزميل المثالي” من المنتخب المونديالي الفرنسي لتضمن تمرير “التناقضات” عن زيدان.
تحامل فرنسا إعلاميا مرة أخرى وبشكل عدواني على من بقي اسمه مقترنا برئاسة فرنسا في غمرة الفرحة باللقب العالمي، شمل أدق التفاصيل لمشوار “زيزو”، فبعدما ربطت القناة نجومية اللاعب المنحدر من أصول جزائرية بالمنشطات، راحت تهاجمه في “قضايا” أخرى لكون زيدان، حسب اعتراف “فرانس 2” في تحقيقها، رفض إجراء مقابلة صحفية مع القناة، فتناولت بسلبية غريبة “احتماءه” بأشقائه وجعلهم يشرفون على مشاريعه، وانطلقت من فكرة حرص “عائلة زيدان” على الحفاظ بكل الطرق على صورة “زيزو” (اللقب الذي أطلقه عليه رولان كوربيس) والعمل على تلميعها، إلى درجة أن هذا الحرص المشروع، في نظر “فرانس 2”، تحول إلى حالة مرضية، مستدلة بتحاشي ظهوره إعلاميا إلا “عند الضرورة” حتى يضمن عدم “اكتشاف وجهه الحقيقي”.
التهمة .. الاستثمار في صورة "النجم “زيزو”
النجم زيدان الذي طالته “متأخرا” سهام الإعلام الفرنسي، على خلاف كريم بن زيمة وسمير ناصري اللذين دفعا فاتورة أصولهما العربية قبل اعتزالهما الكرة، أصبح “متهما” حتى بسبب خياراته في تسويق صورته كنجم والاستثمار فيها، وقدمت القناة الفرنسية زيدان على أنه “محتال” كونه يجني أرباحا من استثماراته في إنشاء مركزه الرياضي الخاص رغم أنه قال، في تصريحات سابقة مسجلة، إنه لم يقم بذلك من أجل المال، وجعلته رجلا “يعبد” المال حين قدرت القناة بأن زيدان “باع” صورته لمساندة قطر لاحتضان كأس العالم 2022، رغم أن قطر، في نظر “فرانس 2” لا تحترم حقوق الإنسان لنسبة الوفيات العالية للعمال الأجانب الذين يشتغلون بأراضيها في مشاريع شاقة تحت درجة حرارة عالية.
وغاصت القناة أيضا بشكل غريب في العائدات المالية للاعب زيدان التي حققها بفضل “صورته” من الممولين، على غرار “أديداس”، واستدلت بشهادات صحفيين للتأكيد بأن زيدان وأفراد عائلته لا يختلفون عن “الأسرار” كونهم يهاجمون أي صحفي يحاول زعزعة الصورة الجميلة لـ«زيزو”، وسوقت القناة ذلك بطريقة تثبت بأن الأمر لا يتعلق بعمل صحفي، إنما بحملة ضد كل ما هو عربي، كون فضائح عدة فرنسيين، سواء الرياضيين أو السياسيين، لا تزال تصنع الحدث إلى يومنا، وتم تغييبها في كل أطوار التحقيق، مثلما هو الشأن في قضية مساندة قطر لاحتضان المونديال، كون رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي “أمر” ميشال بلاتيني، الأيقونة الكروية الفرنسية، بدعم قطر من موقعه كرئيس للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو نفسه بلاتيني الذي طرد من “الفيفا” مثقلا بالفضائح، غير أن اسمه لم يرد في التحقيق ولا حتى اسم ساركوزي أو ديديي ديشان، القائد السابق للمنتخب الفرنسي وزميل زيدان في جوفنتوس والمدرب الحالي لمنتخب فرنسا الذي طرد بن زيمة وناصري.
التحقيق الذي أعدته “فرانس 2” هو في الحقيقة القطرة التي أفاضت كأس “حقد وتحامل ونبذ” الإعلام الفرنسي لكل ما هو عربي، وهو إعلان صريح لهؤلاء بأن فرنسا في النهاية تأخذ من العرب كل ما هو إيجابي وتنسب نجاحاتهم إليها، ثم تلصق “السلبيات” بأصولهم وتتنكر لهم وتحرص بعدها على دفنهم أحياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق