12 أكتوبر 2022

الرحيل المر: أبوهريرة حسين رحل مظلوماً


بقلم : عزيز الخير

رحل في مثل هذا  اليوم  أخي ، وصديقي ، ورفيقي أبوهريرة حسين ... رحل بعد صراع مع الظلم ، والمرض ... رحل بعد رحلة من المعاناة ، والقهر ، والكبت ، والقسوة ... انظلم من أقرب الناس ، وكان محسود ، وظل وفي مخلص لم يخرج كلمة سيئة ، رغم كل الظلم لم يسئ إلى أحد ، رغم القهر ، والكبت ، والحقد ، والظلم ... سوف أظل أكتب في أخي أبوهريرة إلى آخر يوم في حياتي ، ولن أوفيه حقه ... مات أبوهريرة وإنكسر المرق ، وإتشتت الرصاص ... مات أبوهريرة وترك في قلوبنا حسرة لا تنضب ، وفي عيوننا دمعه لا تجف ... رحل وقد خلق فراغ كبير لا يسد ، ووحشه لا تنتهي ، وقسوة للبعاد ، والغياب ، والحسرة ، والندم ... رحل من إجتهد في الإنسانية ... فقدنا أخ ، وصديق ، ورفيق ... أكثر الناس وفاء ، وإخلاص ، وصدق ، ونبل ، وعفة ، وكرم ، وخوة صادقة ... فقدنا الصديق الوفي ، الصادق ، المنصف ... فقدنا أخو الأخوان ، وشيال التقيله ، وعشا البايتات ... فقدنا الكريم الأصيل ... فقدنا من يسأل علينا رغم ظروفه ، من يطمئن علينا رغم معاناته ، من يتفقدنا رغم قسوة الزمن ... فراق أبوهريرة حاااااار وصعيب ، ولا ينبلع أو يمر ... فراق أحدث فينا شرخاً عظيم ... فراق قطع القلب وادمى الفؤاد ، وحول الحياة إلى حسرة وندم .

نبكيك اليوم أخي الحبيب أبوهريرة بالدموع ، وبالقلوب ، وبالألم ، وبالحسرة ... نبكيك شديد كما لم نبكي من قبل ... نبكي اليوم ولقد كشفت لنا زئف هذه الفانية ... نبكيك ، ونبكيك ، ونبكيك بالدمع ، والعزاب ، والندم ، والحسرة ، ولا نقول إلا ما يرضي الله .

رحل أبوهريرة الإنسان الخلوق ، الطيب ، المهذب ...

وصل أبوهريرة إلى مرحلة حرجه وهو في المعتقل ... حيث أوصى الطبيب بإطلاق سراح أبوهريرة ، وقال لهم الطبيب الزول ده خلوهو مع أهله ، ودي كانت رسالة واضحة للتدهور الصحي الخطير الذي اصاب أبوهريرة ... حيث أصيب في رجله داخل السحن بسبب ضعف نظره الذي رفضوا أن يسافر لإخراج مادة السلكون من العين ، ولهذه المادة فترة محدده ، ولكن الرفض ، والتعنت ، والإصرار علي العذاب ، والألم للراحل كان هو السبب في الإصابة في الرجل ، وتم إهمال العلاج ليتسبب الجرح في حالة تسمم لكل الجسم بسبب إصابة أبوهريرة بالسكري ، وهذا التسمم تسبب في الفشل الكلوي ، وهل هناك موت بطيئ اكثر من هذا الإستهتار ، والإهمال ، والإصرار علي حبسه رغم أن أبوهريرة ظل محبوس بدون أي تهمة ، أو بلاغ ، ولم يتم توجيه أي بلاغ له وأمرت النيابة بإطلاق صراحه ، ولكن للأسف ظل أبوهريرة محبوس ما يقارب العامين دون تهمة ، أو بلاغ ، وغادر إلى القاهرة بعد أن وصل إلى آخر مرحلة ، وعندما زرته في المستشفي قبل سفره للقاهرة لم أشاهد إلا الألم ، والحسرة ، والظلم ، والندم علي وجه أبوهريرة رغم التحلي بالعزيمة القوية ، والإبتسامة الصادقة رغم المعاناه .

موت أبوهريرة يسأل منه كل من شارك في هذه الجريمة أمام الله الحكم العادل الذي لا يظلم عنده أحد ...

 طول صداقتي معه التي إستمرت أكثر من عشرين عام لم أسمع منه إساءة إلى شخص ، أو لفظ سيئ ، أو كلمة سيئة في أحد ... كان مهموم بالوطن ، والرياضة ، وكان حريص علي أن ننهض ونمشي للأمام في مجال الناشئين ... لذلك قاد هذا الملف بكل صدق وإخلاص ، وإلتف حوله كل أهل الناشئين في تلاحم فريد ...

 رحل اليوم أبوهريرة حسين ... رحل عن هذه الدنيا الفانية الشاب الخلوق المهذب الذي يتعامل مع الجميع بقدر كبير من الإحترام والتقدير ... الشاب صاحب المباديء ، والقيم ، والأخلاق الفاضلة ... المحافظ علي صلاته ... كان من عجينة الكبار ، معدن من ذهب ، والذهب لا يصدأ . 

يتميز الراحل أبوهريرة حسين بالهمة العالية   والعزيمة ، والإصرار ، والتحدي ، ودائما ما يكسب كل رهان ، ويراهن دائماً علي الحصان الرابح .

الراحل المقيم في قلوبنا أبوهريرة شاب من سليلة الكبار ، شاب بعقل مفكر ، ورئة فيلسوف ، وروعة أديب ... لهذا الشاب فلسفة مختلفة في الحياة أساسها الصدق ، وحفظ الود ، ومساعدة المحتاج ، والوقوف في هم كل صديق أو قريب يحمل هموم الكل ، وأعطى من وقته الكثير لهذا الوطن الذي يستحق ... قضينا مع أبوهريرة أجمل السنين في رحاب الناشئين في وقت لا أحد يعرف أن في الخرطوم إتحاد للناشئين ، ولكن أبوهريرة هزم المستحيل ، وقاتل من أجل مقر يشرف هؤلاء الصغار ... أمل السودان القادم ، فكان نادي الأسرة للناشئين بعد صراع كبير جداً ، ونزاع صعب ... لكن كانت كلمة الحق في صالح الناشئين ، وفي حق أبوهريرة ، وهذا الموقف خلق لأبوهريرة موقف قوي ، وحقق فيه إنتصار لكل الصغار في بلادي بهذا الصرح الصامت الذي يقف الآن شامخاً رغم المؤامرة الحالية ، والإستهداف الممنهج رمزاً للناشئين في بلادي نادي الأسرة العريق .

أبوهريرة أول من أنشأ ملعب خماسيات في السودان وهذا للتاريخ ... كان ملعب الخماسيات في نادي الأسرة هو أول ملعب في السودان بعد ذلك إنتشرت هذه الملاعب في كل أنحاء بلادي ... الراحل أبوهريرة الأخ والصديق شاب يستحق أن نرفع له القبعات إحتراماً وتقديراً ، حياً أو ميتاً ... أول من أنشأ إستاد خاص بالناشئين ، وبعد ذلك جعل هناك إستاد وملعب في كل محلية من محليات الولاية السبعة ، وهو إنجاز في فترة قصيرة جداً جداً ، والقصة ليست ملاعب فقط ... وفر أبوهريرة الملابس الرياضية لكل الفرق الرياضية ، وفي عهد أبوهريرة إرتفع عدد الفرق والممارسين للنشاط الرياضي إلى أكبر عدد ، وإزدادت الروابط والفرق ، وأقام دورات للمدربين والحكام من أجل التأهيل ، وإكتساب الخبرة ، ووفر الزي للحكام والمدربين ، وأقام دورات لتأهيل الإداريين ، وإستعان بأفضل الخبرات الرياضية من أجل تطوير الرياضة ، وأقام السمنارات والورش من أجل تطوير الناشئين ، وكرم المتفوقين من الصغار ، وجعل الرياضة تحمل شعار العقل السليم في الجسم السليم ... كرم قيادات الناشئين ، وجعل لهم مجلس إستشاري حتي يسمع منهم ، ويستفيد الجميع ... أرسل الإداريين للدورات الخارجية ، وإستفاد من الإتفاقيات المشتركة في مجال الرياضة مع عدد من الدول ، وإستفاد من تجارب وادي دجلة ، وأكاديمية قطر ، وغيرها من التجارب الناجحة في المحيط العربي .

الراحل المقيم أبوهريرة صاحب شخصية تستحق أن

تدرس ... لقد كان صبوراً ، صادقاً ، مخلصاً ... نادي الأسرة الذي يحارب الآن ، ويجتهد الكثيرين من أجل نزعه من الناشئين حوله الراحل أبوهريرة إلى نادي أسري حقيقي ، وأضاف الكثير من المناشط طائرة ، وسلة ، وتاكندو ، وسباحة ، وبلياردو ، ولاب لعلوم الكمبيوتر ، وقاعات مختلفة للإجتماعات بعد أن كان أول إجتماع عند إستلام أبوهريرة للناشئين تحت شجرة بنادي الأسرة ... نعم تحت شجرة ، خلق شراكات ذكية مع كل المؤسسات لدعم الناشئين ... خاصة شركات الإتصالات زين ، وأم تي أن ، وسوداني ، وشراكات مع نجوم المجتمع ، وأهل الفن ، والإعلام ، وجعل منصب رئيس هيئة الناشئين منصب مرغوب ، وأصبح الراحل  هو الشاب المحسود...!!

الراحل أبوهريرة أنجز الكثير ، وحقق الكثير للصغار في بلادي .

الراحل أبوهريرة لا يهمه إلا مصلحة الوطن ، ولا يزايد ، ولا يهضم مجهود كل شخص ساهم معه في تشييد إستاد ، أو إفتتاح ملعب ، أو قدم له نصح أو إرشاد ... الراحل أبوهريرة تعرض لظلم كبير وعظيم من الحكومة السابقة ، والحكومة الحالية ... حيث سجن في فترة كل حكومة ظلماً وبهتاناً ، وتنكر له الجميع وإنخذل في الكثيرين ... لذلك كان يعاني ويعاني من الظلم ، والقهر ، والحسد ، ورغم ذلك ظل صابراً ، ويتميز أبوهريرة بالتواضع ، والصدق ، والشخصية القوية ، والإبداع ، ولا يكل ، ولا يمل في حب ومصلحة هذا الوطن ، ولقد وهب زهرة شبابه في العمل العام منذ أن كان رئيس إتحاد طلاب ولاية الخرطوم ، ويعمل بإخلاص ، وتفاني ، وغيرة ، ويقدس العمل فهو إذا إستلم عمل أتقنه ... لا ينام وهو يفكر في تحقيق هدف ... لا يعمل لوحده ولكن يختار فريق عمل بمواصفات حسب طبيعة كل مرحلة ، لم أجد شخص يحب هذا الوطن مثل حب أبوهريرة حسين ... إبتعد الراحل أبوهريرة عن المشهد تماماً ، وإجتهد في عمل خاص وأسس شركة إنتاج فني ، وإبتعد عن السياسة والحكومة ، وظل بعيد فترة تجاوزت ال6 سنوات ، ولم يعود للمشهد إلا قبل سقوط النظام بأربعة أشهر فقط ، وعين وزير للرياضة ، وإجتهد في خلال ١٧ يوم هي فترة وجوده وزيراً ... في خلال هذه الفترة البسيطه إجتهد كثيراً في الوزارة ، وزار المقر الدائم ، وصالة هاشم ضيف الله ، وقصر الشباب والأطفال ، ومركز الربيع ، والإتحاد العام ، والمدينة الرياضية ، والساحة الخضراء ، واللجنة الأولمبية ، وإجتمع مع الإتحادات ، والموظفين ، وكان يتناول الفطور مع أقسام الوزارة المختلفة ، وكانت البداية مع سواقين الوزارة ... رفض خلال فترة وجوده أي سفرية خارجية ، وأصر علي تحويل الوزارة من مجلس إلى وزارة ، ولقد فعل ذلك خلال أسبوع ، وبعد إندلاع الثورة ، وسقوط الحكومة كان المعتقل رقم 7 في الإعتقال ، وظلم ، وجلس في السجن فترة طويلة .

رحل أخي أبوهريرة حسين مفجر ثورة الملاعب  الخضراء .

رحل وفي قلبه حسره ، وفي حلقه غصه ، ولا زال يسأل حتى وفاته في القاهرة صباح  الثلاثاء 12 أكتوبر من العام الماضي  ماذا فعلت لأنال كل هذا الظلم ... رحل ودمعه وعذابه معلق في رقاب من كان سبب في سجنه دون جرير ، ومرضه ، ومنع العلاج عنه لفترة طويلة حتى أصيب بالفشل وهو داخل السجن ، ومنع من إجراء عملية جراحية في العين لتصاب العين ، وظل يعاني فترة طويلة داخل المعتقل في سجن كوبر حتى تم نقله إلى المشتشفي بعد تدهور حالته الصحية بصورة خطيرة ، وظل هناك لا يستطيع الحركة ، وتم نقله قبل شهور إلى القاهرة بعد أن أوصاه الأطباء بذلك ، ولكن بعد فوات الأوان ... حيث تمكن الفشل ، وأصبح فشل كلوي كامل ، وتم إجراء عملية نقل كلي في وقت ضيق ، وبعد تدهور صحته ... لذلك كانت الإستجابة ضعيفة ، وازدادت المضعفات والمشاكل الصحية بصورة مستمرة ، ورغم ذلك كان صابراً وصامدا يقابل كل زائر له بالإبتسامة ، والكلمة الطيبة ... وفي آخر المطاف لم يستطيع جسده النحيل تحمل هذه المشاكل الصحية المتواصلة ، والأزمات النفسية العميقة ، والظلم المتعاظم ، وجاءت اليوم  لحظة الفراق ، وأخذ الله أمانته ... نسأل الله له الرحمة والمغفرة ، وأن يجعله في أعلي عليين 

، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ... أحر التعازي لأسرته الصغيرة والكبيرة ، ولكل الأخوة ، والأصحاب ، والمعارف ، والأصدقاء ، وعارفي فضله ... للراحل المقيم مواقف إنسانية عظيمة  جعلها الله في ميزان حسناته ، واللهم ألزم أهله الصبر ، وحسن العزاء .

أدعو له بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ... أسألكم الفاتحة علي روحه .


     *عزيز الخير*

ابوظبي .12/10/2021

يتجدد الحزن ...

12/10/2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق